يباس في القلب

أحبها عند الحاجز العسكري وكان يملك كل الأسباب ليفعل ذلك وتتعمق في خيالاته منذ تلك اللحظة.
قال لها فيما بعد: "كنت جميلة صغيرة وضائعة إلى أبعد حد. تحاولين تجاوز السيارات المتساحقة التي تنتظر الاحتلال ليفرج عنها".
كان حينها يمتلك سيارة سبارو بيضاء قديمة، وكان يبدو في العشرين إلا أنها عرفت لاحقاً أنه كان في الثلاثين من عمره.
ابتعدا وبقيت ساكنة عينيه ليتقابلا بعد ثلاثة أعوام صدفة أيضاً وكما انتشلها المرة الأولى من الانتظار وكان بوصلتها. انتشلها المرة الثانية من حزنها ووضعها في مواجهة الحب بدل تقديم روحها قرباناً للعدم.
"القبلة الأولى"
لم يكن الأمر بالحسبان، كانا يتكلمان ويكتشفان المتشابه بينهما، في البداية شعر أن خلاياه تشتهيها بمجرد أن يشم رائحة كريم اليدين الذي اعتادت استعماله خوفاً من تقشف بشرتها في الشتاء، فاقترب وكانت هي الأخرى مأخوذة بشفتيه المكتنزتين رغم أن السجائر غيرتهما إلى اللون الأزرق. لم يتنبأ لكنها باغتته وبادرت بالقبلة، فباغتها ثأراً لرجولته بلسانه وكأنه كان يتربص لفمها.
ضحكا كثيراً حين تصارحا حول القبلة الأولى وبررا جرأتهما أنهما لم يريدا إخفاء مشاعرهما الحقيقية تحت غطاء موهوم من هالات الأنبياء.
"القبلة الثانية"
كان يعتقد أنه اعتاد على رائحة كريمها لكنه تفاجأ أن هناك المزيد مما يثيره فيها، فهناك شاماتها المتناثرة على رقبتها وبشرتها البيضاء الصافية، ما جعله مقتنعاً أنها لو شربت رشفة ماء فسيراه يجري في حلقها، وصدق خيالاته لدرجة تعمد مراقبتها مرة أو مرتين تشرب، كانت شهوته تسكت عقله فلا يقتصر الأمر على لسانه بل أصبح للحب شياطينه المقدسة.


 
  القبلة الثالثة 
كان قد اقتنع أن مجرد وجودها بجانبه يعني استدعاء إيقاعات شهوته بتدرج قاتل، كأن هناك جسراً لا نهائي الانزلاق بين الوله وجسدها، فيعبرها بأصابعه ويغوص فمه في أماكنها السرية.
بعد القبلة الأولى والثانية والثالثة والرابعة والخامسة.... أيقن أن الحياة تخلق توائماً في العشق حتماً يتلاقيان يوماً ما، وكان حظوة القدر لهما تلك الصدفة الأولى، وأيقنت هي أنها من دونه ودون صوته ودون أن تستسلم لسلطان شهوته، ودون أن يُضحكها بتطرفه الاشتراكي الذي وصل إلى حد أن إيميله البريدي كان يملكه أصدقاؤه أيضاً، فهي طائر هائم.
وبعد ألف ليلة، أدرك الليلة أنه لن يشطر القمر نصفين ويهديها أحدهما ويُبقي الآخر بين رموش قلبه أو يبارك حكايتهما السرية أو يتهجى اسمها بانتقاء وفرح كأنه يرقص على أطراف أصابعه.
الليلة يبتكر كل منهما وجعاً أخف لاجتياز الغد بذهول اقل.
الليلة سقط الحنين من شباك القلب ولم يبق سوى يباس وذكرى عابثة عند ذلك الحاجز العسكري.


1 Response
  1. زايد مشاقي - نابلس فلسطين Says:

    تحياتي اخت اسماء


    امــــــــــال وذكـــــــريات بقلم : زايـــــــد مشــــــــاقي


    ساعــــات تـــــذهـــب
    وتعـــود

    وذكــــريـات كـــــانت
    وذهـــــبت في لحظـــــــات

    ومـــن ضمنهـــــــــا الكــــثير مـــن الامنيــــــــــات

    سلمتـــــــــها امـــــــري

    وقـــدمتـــــــــه لهـــــــــــــــــــــــا

    مشتـــــــــــاقــة لهــــــــــا القــــ...ــــلب وكــــــل
    الحنـــــــــان

    حـــــــين اقـــــولــــــــها لــــــــها

    حيــــــــن اعــــــــــترف بحبــــــــي
    لهــــــــا

    اعلـــــــــم اننــــــــي فـــي
    السحــــــــابــ مـــــــرتفعــــــــــا

    الـــى
    الاعلـــــــى

    اتحـــــــــــدى كــــــــل زمــــــــان
    وبكــــــــل مكـــــــــــان